مع اقتراب الذكرى الخمسين لأزمة الصحراء الغربية (1975-2025)، يسلط هذا الحوار الضوء على تطورات هذه القضية التاريخية من منظور السفير مصطفى محمد لمين، ممثل جبهة البوليساريو في المشرق العربي.
يتناول الحوار السياق السياسي والقانوني للنزاع، التحديات التي تواجهها الأمم المتحدة، والتداعيات الإقليمية والدولية، إلى جانب قضايا الاستثمار وحقوق الإنسان. يعكس الحوار التزام جبهة البوليساريو بالدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، في مواجهة الاحتلال المغربي المستمر منذ نصف قرن.
موقع دمشق أجرى حوار ا صحفيا مع السفير مصطفى محمد لمين، ممثل جبهة البوليساريو في المشرق العربي
السياق التاريخي:
1. مع اقتراب الذكرى الـ50 لأزمة الصحراء الغربية (1975-2025)، كيف يمكن تقييم تطور هذه القضية من الناحية السياسية والقانونية؟ ما هي العوامل التي أعاقت التوصل إلى حل نهائي؟
السفير: في 31 أكتوبر 2025، تمر خمسون عامًا على اجتياح القوات المغربية للصحراء الغربية، مما أدى إلى احتلالها وتشريد شعبها. شهدت القضية تطورات عديدة، بدءًا من حرب استمرت 16 عامًا (1975-1991)، تلاها اتفاق وقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليًا)، والذي أفضى إلى خطة تسوية لإجراء استفتاء تقرير المصير. هذه الخطة، التي وافق عليها الطرفان (المغرب وجبهة البوليساريو)، تمت المصادقة عليها بقرار مجلس الأمن 690 (1991) لإنشاء بعثة “مينورسو”. لكن المغرب عرقل الاستفتاء وتنصل من التزاماته. في 2020، انهار وقف إطلاق النار بعد اعتداء مغربي في الكركرات، وما زالت الحرب مستمرة. التعنت المغربي ورفضه للشرعية الدولية هما العاملان الرئيسيان لعرقلة الحل.من الناحية القانونية، القضية مسجلة كمسألة تصفية استعمار منذ 1965. محكمة العدل الدولية في لاهاي (1975) أكدت أن الصحراء الغربية ليست أرضًا بلا سيد ولا تربطها علاقات سيادة بالمغرب. كما أصدرت المحكمة الأوروبية (2023-2024) أحكامًا تؤكد تمييز الصحراء الغربية عن المغرب، وتحظر استغلال مواردها. الجمهورية الصحراوية عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي، مما يعزز مكانتها.
2. كيف ترى تأثير الأحداث التاريخية، مثل المسيرة الخضراء والاشتباكات في المنطقة العازلة، على ديناميكيات النزاع اليوم؟ هل تعتقد أن الأطراف مستعدة لتجاوز المواقف التاريخية؟السفير: المسيرة الخضراء ليست حدثًا تاريخيًا، بل كرنفالا إعلاميا نظمه المغرب بدعم أمريكي لتبرير احتلاله. أما ما تسمى “الاشتباكات” في المنطقة العازلة، فقد كانت حرب شاملة أدت إلى أسر آلاف الجنود والضباط المغاربة وإسقاط عشرات الطائرات. لا توجد منطقة عازلة، بل أراضٍ محررة تسيطر عليها قوات جيش التحرير الصحراوي. النزاع يضم طرفين فقط: جبهة البوليساريو، ممثلة الشعب الصحراوي، والنظام المغربي. تجاوز المواقف التاريخية يتطلب التزام المغرب بالشرعية الدولية، وهو أمر غير مرجح حاليًا بسبب تعنته.
الدور الدولي
3. ما هي التحديات التي تواجه الأمم المتحدة في تنفيذ قراراتها المتعلقة بالصحراء الغربية؟السفير: التحديان الرئيسيان هما تعنت المغرب وتنصله من التزاماته، ووهن الأمم المتحدة بسبب سياسة الكيل بمكيالين من قبل بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، مما يقوض قدرتها على فرض قراراتها.
4. مع اقتراب اجتماع مجلس الأمن لتجديد ولاية “مينورسو”، ما هي توقعاتكم؟ هل سيدفع المفاوضات أم سيبقى شكليًا؟السفير: نأمل أن يدفع مجلس الأمن نحو احترام قرارات الشرعية الدولية، لكن التجارب السابقة تشير إلى أن الاجتماع قد يصدر توصيات غامضة تساوي بين الضحية والجلاد، مما يضعف فرص التقدم نحو حل نهائي.
5. كيف يمكن للأمم المتحدة تحقيق توازن بين دعم بعض الدول للحكم الذاتي وتأييد أخرى لاستفتاء تقرير المصير؟السفير: الحل واضح: تطبيق قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. خطة الحكم الذاتي المغربية تهدف إلى تشريع الاحتلال، بدعم دول مثل فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل، وهي تخالف القانون الدولي، والأخطر أنها تدفع إلى مزيد من التازم.
السياق الإقليمي
6كيف تؤثر التطورات الأمنية والسياسية في سوريا على قضية الصحراء الغربية؟السفير: قضية الصحراء الغربية تختلف عن الأوضاع في سوريا، لكنها تعاني من وهن المجتمع الدولي وانحياز بعض القوى للمغرب، مما يعيق تطبيق الشرعية الدولية.
7. هل هناك تشابه بين إدارة النزاعات في سوريا والصحراء الغربية؟السفير: التشابه الأبرز هو تطلع شعبي البلدين للحرية والتمسك بحقوقهما. الدرس من سوريا هو ضرورة احترام إرادة الشعوب لتحقيق الاستقرار.
8. كيف يمكن للأطراف الإقليمية، بما في ذلك الاتحاد الإفريقي، تهدئة التوترات؟السفير: التوتر بين الجزائر والمغرب له أسباب تاريخية، لكن قضية الصحراء الغربية ليست السبب الرئيسي. الحل يكمن في إنهاء الاحتلال المغربي واستكمال تصفية الاستعمار، كما أكدت قرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
٩.
الجوانب الاقتصادية وحقوق الإنسان
9. كيف تؤثر الاستثمارات في الصحراء الغربية على النزاع؟السفير: الاستثمارات، خاصة في الصيد البحري والطاقة، تدعم الاحتلال المغربي وتنهب ثروات الصحراء الغربية، مما يعرقل الاستقرار. قرارات المحكمة الأوروبية (2024) أبطلت هذه الاتفاقيات، مؤكدة أنها تخالف القانون الدولي.
10. ما دور المنظمات الدولية في التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان؟السفير: لا توجد انتهاكات في المخيمات الصحراوية، والاتهامات مصدرها دعاية مغربية. الانتهاكات الموثقة تحدث في الأراضي المحتلة، حيث يمنع المغرب الصحفيين والمراقبين الدوليين من الزيارة، بينما المخيمات مفتوحة للجميع.
11. هل الدعم الدولي للحكم الذاتي يمكن أن يؤدي إلى حل مستدام؟السفير: دعم الحكم الذاتي يقوض حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير ويزيد التوترات، لأنه يشرعن الاحتلال ويخالف الشرعية الدولية.12. ما الأدلة حول ادعاءات مشاركة البوليساريو في النزاع السوري؟السفير: هذه ادعاءات كاذبة تروجها الدعاية المغربية. تحقيقات سورية موثوقة نفت هذه المزاعم. من يروج لها عليه تقديم الأدلة، فالبينة على من ادعى، كما يقال.








